أبرز ما تناولته الصحف اليوم

عاجل

الفئة

shadow

 كتبت النهار

  نفهم تماما أن يثار ذعر عارم حيال خطر عزلة لبنان عن العالم السيبراني في حال تمادي أزمة "أوجيرو" وما يمكن ان ينشأ، في هذا العصر، عن "عتمة" الانترنت القاتلة على لبنان الذي لا يحتاج الى فائض كوارث. نفهم ان يغدو واقعنا ملاصقاً لمعادلة أبي الطيب المتنبي "فصرتُ إذا اصابتني السهام تكسّرت النصال على النصال" أمام انهمار الازمات والفضائح المتصلة بتفكك منهجيّ للدولة والقطاعات الواحدة تلو الأخرى، ولا يملك اللبنانيون من وسائل المواجهة الباقية إلا النقّ والنعي والتأسّي بما شكّل لغز الالغاز وسرّ الاسرار على خبراء السياسة والاجتماع داخليا وخارجيا حيال هذا النوع "النادر" من استسلام الشعوب أمام خطر ماحق يتهدد شعبا بكامله في وجوده ومستقبله ولا يدفعه الى أيّ تحرك يقيه شرّ المصير.

ولكن على وجاهة الذعر حيال كل ذلك، نتساءل أين كان المذعورون وهل يدركون ان العزلة الأشد اثارة للأخطار الوجودية الأقرب الى مستوى تهديد الكيان السياسي والدستوري هي الغيبوبة الدستورية الكاملة التي اصابت لبنان منذ اللحظة الأولى التي حصل فيها الفراغ الرئاسي، والتي شكلت هذه المرة نموذجا مختلفا في تجارب الفراغ التي تعاقبت على لبنان بحيث بات الخوف الأعظم يتمركز حول بقاء النظام والدولة والكيان فعلاً وليس أقل من ذلك أبداً. هذا الجاري في تفاعل الازمات الداخلية وتفجّر الفضائح المحاصصية كالضجيج المتصاعد حول ملف انشاء مبنى جديد في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي كعيّنة جديدة من عيّنات الحكم المهيمن على لبنان في زمن الفراغ الرئاسي، وما شكّلته واقعة التهجم الكلامي المقذع التي حصلت في ما يسمى برلمان لبنان، ناهيك عن فضيحة التوقيتين وتعريتها المخجلة لطريقة ارتجال القرارات التي تسيّر بقايا الدولة عشائريا وفرديا وشخصيا… كل هذا لم يكن مجرد توقيت سيىء أو مصادفة سلبية طارئة غداة الشهادة الأشد إيلاماً التي اصابت واقع لبنان هذه السنة عبر تقرير بعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت. لقد انبرت شياطين السلطة الحاكمة في زمن الفراغ الى الرد سلفا وبقوة الاستئثار المطلقة بالسلطة على أي تدويل لأزمة الانهيار كما لأزمة الفراغ وكأنها تقطع على نحو حاسم كل رهانات القوى الداخلية والخارجية على تأثيرات تسووية للتطور الإيراني - السعودي عليها للتراجع في الاستحقاق المعلَّق لانتخاب رئيس للجمهورية. "تكبّر" هذه القوى المهيمنة حجرها وهي العالمة بما يعنيه ان تلفح رياح الصفقات الخارجية الكبرى لبنان حين تندفع ويحلّ دور لبنان فيها، إذا حلَّ في المدى القريب، اذ إن للقوى اللبنانية قاطبة تاريخا طويلا ومديدا مع تجارب قاسية ومصيرية بإزاء تحولات خارجية غالبا ما كانت تدفع اثمانها الثقيلة والموجعة بل والقاتلة أحيانا من اللحم الحيّ لهذه القوى. يحاول القابضون على عنق لبنان في هذه الحقبة ان يواجهوا المسار معاكساً، ظنّاً منهم ان الامعان في إغراق لبنان في فائض الكوارث يؤدي تلقائيا الى "تكبير المهر" أو تعظيم الأحجام ومنع أي مفاعيل خارجية من النيل من حجم الهيمنة التي يمكن ان تصاب بضربة تحجيم كبيرة لها متى انهارت استراتيجية الوصاية البديلة التي يمارسها حكم 8 آذار على لبنان.

لذا ستكون المرحلة الآتية أشد مراحل المخاض والصراع الداخلي عصفاً لان القابضين على دولة الانهيار الآن يستشعرون السخونة تحت مواقعهم لا العكس، وهو الخطر الأكبر في جنوحهم نحو سياسات أشد تطرفاً وتهوّراً وتوظيفاً لأزمات الانهيار وترسيخ العزلة "الأممية" للبنان…

الناشر

Mirian Mina
Mirian Mina

shadow

أخبار ذات صلة